الأربعاء، 13 مايو 2015

ذات القلــب الأبيـــض (١)




منذ صغري وأنا البنت البكر الرشيد التي يشهد لها الجميع بالهدوء والرزانة .. أمتلك قلباً نقياً يتأثر بأي شئ...
دموعي قريبة حد الضحك .. كنت أبتسم دائماً بطبعي حتي كان البعض يقولون لي أنتي إسم علي مسمي ...إلا أني كلما ضحكت  تدفقت الدموع سريعاً من عيناي .. كنت أشعر بالخجل من هذه الدموع خاصة حينما يسألني أحد الأصدقاء الصغار وقتها : أتضحكين أنتِ أم تبكين ؟؟!

كنت أجاوب أنني أضحك لكن من أمامي يستشعر أني أخفي شيئاً وأن ضحكتي ليست صافية...
طبيعتي الهادئة وكوني أكبر أخواتي جعلني دائماً أعيش سن أكبر من سني ..
لم أحاول مطلقاً أن أستشعر بعض لحظات الجنان التي تصيب الأطفال أحياناً !!

لكني فجأة وحينما وصلت لسن الثامنة والعشرون وأحمل لقب متزوجة وفي ذيلي طفلان أكبرهم في السابعه من عمره والأخري في الثالثة أجدني أحن لقضاء بعض أوقات الجنان معهم!!

بل حتي في غيابهم !!

كانت طفولتي عادية جداً رغم حالة الرزانة التي كانت تجسدني  لكن كان يتخللها بعض المواقف المضحكة وبعض الأوقات التي كنت أستمتع فها باللعب مع أولاد عمي في بيت العيلة الدافئ...

كانت معاملة أمي وأبي لي جيدة مقارنة بأقراني حسب ما كنت أسمع منهم .. إلا أن أبي كان رغم حبه الشديد لي واستشعاري هذا إلا أنه كان حاسماً معي وأخواتي حد القلق منه والخوف ...
أما أمي فقد كانت القلب الحنين لكنها لا تستطيع الإفصاح عن مكنونات قلبها وحبها لنا كما أنها لا تجيد إحتواءنا .. عملها نهاراً كان سبباً في الضغط عليها فقد كانت ترجع من عملها وقت رجوعنا من المدرسة فتحضر لنا الأكل سريعاً وتجهز لنا أشياءنا وتذاكر معنا أنا وأخواتي الثلاث .. كانت مضغوطة حقاً وكانت تؤدي دورها علي أكمل وجه لكن بنك العاطفة عندها شبه فقير أو لا تجيد الزكاة منه علينا ...
ولأني حساسة جداً فكنت كطفلة أستشعر هذا ونفسي تحدثني أحياناً أنه ياليتها تحبني ...ياليتها ما عادت تذهب للعمل!!

لم أكن أستوعب وقتها أن الحب أفعال أيضاً وليس أقوال .. لكن كنت أري عدم قولها لنا بأنها تحبنا دليل كافي بالنسبة إلي نفسي العبيطة وقتها أنها لا تحبنا وأنها تفعل هذه الأشياء كواجب عليها ليس أكثر !!


تمر الأيام وأنتقل للمرحلة الإعدادية وأشعر أني كبرت فجأة .. وزدت عقلاً فوق عقلي !
حتي عندما بدأت ضروس العقل في التكون عندي في هذا الوقت صارت أمي تقول لي ضاحكة :هل أنتي ناقصة عقل :)

كونت صداقة جميلة في المرحلة الإعدادية وإمتدت للثانوية .. عشت فترة مراهقة عادية جداً ..
إرتديت الحجاب عن اقتناع كامل وأنا في الصف السادس الإبتدائي وكنت ملتزمة فطبعي وهذا أفادني في مرحلة المراهقة ببعدي عن الصحبة السيئة التي تشطح في هذه المرحلة ...

أما قلبي فبطبيعته النقية ومشاعره البكر كان يخشي الوقوع في الحب فكان دائم التحصين لنفسه بغض البصر دائماً حتي لا أقع في حب أي أحد ( كنت أفهم وقتها أن الحب حرام وأن مجرد التفكير في رجل لا يربطني به عقد فهو كبيرة من الكبائر !!
أنا أزهرية منذ صغري .. ربما طبيعتي الهادئة ودراستي المتشددة نوعاً ما كانت سبباً في إيصال هذا المعني لي...

جاء يوم اعتبره حاسماً بل مميزاً لتغير شخصيتي بالكامل وأنا في الصف الثاني الثانوي ..  تحديداً في ختام هذا العام
حدث أمر جلل .. فقد تقدم لي ابن خالتي الذي يكبرني ب٩ سنوات والذي لم أعتاد رؤيته بسبب سفره الدائم ..

تقدم لخطبتي بعد أن سمع من خالتي اني كبرت حتي أصبح الخُطاب يطرقون بابي كثيراً ،،
خشي ابن خالتي أن أضيع منه فتقدم لي رسمياً أثناء نزوله أجازة لمدة شهر في فصل الصيف
(حيث كان يعمل في إحدي دول الخليج ) ...


وهنا بدأت مرحلة جديدة تماماً .. سآحكي عنها يوماً ما ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق