الخميس، 21 مايو 2015

ذات القلــب الآبيـــض (٣)



بعد أن لبست الدبلة بإسبوعين تقريباً سافر خطيبي.. سافر وسافر معه كل شئ..
تعلقت به رغم قصر المدة التي عرفته فيها !

رغم أنه ابن خالتي وإبن عمي أيضاً .. الا أن المدة التي بيننا (فهو يكبرني بتسع سنوات ) وسفره بعد تخرجه مباشرة كان كافياً لعدم معرفتي بشخصيته مطلقاً..
لم أكن أعلم عنه غير اسمه وشكله فقط .. لم يحدث حوار بيننا أبداً .. فقط بعض الحوارات العائلية السريعة ...

أول مرة تحدثت له عن قرب كان يوم قراءة الفاتحة..
حدثني أنه يفكر في الارتباط بي منذ وقتٍ طويل..
منذ ان كان هو في المرحلة الثانوية ..

حدثني أنه ذلك اليوم الذي كنت ألعب فيه مع أخته الصغيرة التي هي من نفس سني رآني يومها لأول مرة رغم أني كنت دائماً أمامه لكنه أول مرة ينظر لي بنظرة الإعجاب التي لم أدركها وقتها (فقد كنت طفلة في العاشرة من عمرها !)

حدثني أنه منذ ذلك اليوم وقد عقد العزم علي الارتباط بي (كان هو في ختام المرحلة الثانوية وقتها )..

حدثني أنه من كثرة حبه كان يخشي النظر لي قبل الإرتباط حتي لا ألاحظ فآتعلق به رغم صغر سني بل أنه كان يتجنبني ويتجنب حتي الالتقاء بي قبل أن يكون معه ما يؤهله للإرتباط بي.. لذا حينما أتممت السادسة عشر وعلم من خالتي وهو مسافر أن الخُطاب يطرقون بابي أسرع أن يتقدم لي خوفاً من أن أرتبط بأحداً غيره..(وقتها تعجبت جداً منه ومن تفكيره !
وكأنه كان متوقع أني مستحيل أن أرفضه حينما يتقدم لي !
 رغم أني حتي هذا الوقت كنت لا أحمل أي مشاعر تجاهه غير القلق منه ومن هذا الإرتباط... فقد كنت أشعر أنى مازلت صغيرة على إتخاذ هذه الخطوة ولست قدر هذه المسئولية الآن ,,

لأول مرة أعلم مكانتي عنده ..لم أكن أتخيل يوماً أنه يكن لي هذه المشاعر ..
فقد كنا نعيش سوياً في بيت عائلة قبل سفره وقد كنت أراه كل يوم تقريباً لأنني كنت صديقة أخته الصغري وكنا دائمي اللعب سوياً لكن رغم ذلك ولنقاءه وحبه الطاهر لم يفكر يوماً أن يصارحني أو حتي يلفت انتباهي حتي لا يجرحني أو حتي لا آتعلق به وأنا في هذه السن الصغيرة..
رغم أن هناك مواقف بسيطة كانت تجمعنا تظهر إعجابه بي لكني لم ألتفت لها يوماً فكما قلت مسبقاً لم يكن الحب والتفكير فيه يحتل حيزاً من عقلي مثل الشائع فى مرحلة المراهقة (كشعور طبيعى يحدث لأى بنت )
قد يكون راجع هذا لتربيتى وسط بيئة محافظة ودراستى الأزهرية
كل هذا كان يشعرنى بأن الحب فى مثل هذه السن وبدون إرتباط حرام وبسبب طبيعتي فقد كنت أتعامل مع كل أولاد وشباب العائلة على أنهم أخواتي .. 


ذكرني مثلاً أنه كان يقسم القصص والروايات بيني وبين أخته الصغري بل يكاد يكون هو من علمني القراءة وحببني بها.. كان لديه مكتبة مذهله تحوي العديد من القصص المحببة لنا خاصة في مرحلة المراهقة
مثل ملف المستقبل ورجل المستحيل وفلاش وكابتن ماجد وبطوط وميكي وقصص الألغاز وغيرها مما عايشناه في هذه الحقبه من قصص وروايات ممتعة ..
وكنت أنا وأخته نتسابق في فصل الصيف علي من سينهي قراءة روايته قبل الآخر :)
كنا نقرأ بنهم ونتبادل الروايات بل أدمنا الأمر حتي كنا ندخر مصروفنا كله ونذهب لنشتري به القصص الجديدة والأعداد الجديدة .. مكتبته كانت مبهرة لكن كانت تخلو من قصص الرعب التي كانت تعجبني وقتها مما دفعني للبدء بشراء بعض من سلسلة بيت الرعب .. 
كانت تجذبني حقاً أو كنت أريد أن أقرأ لوناً مختلف عن رجل المستحيل وشخصية أدهم صبري بمغامراته الشيقة إلي جو الأكشن والرعب :)
المضحك أني كنت أعشق القراءة في الهدوء لذا كنت أنتظر حتي ينام كل من بالمنزل وأسهر أنا حتي وقت الفجر أقرأ مثل هذه القصص ..

 قصص بيت الرعب في هذا الوقت ومع النور الخافت والهدوء القاتل كان كافياً لإصابتي أحياناً بالسكتة القلبية حينما أتعايش مع القصة وفجأة أسمع صوت أحد أخواتي يتحدث وهو نائم لينخلع قلبي وأقفز قفزة من مكانى أكاد منها أن تحلق روحي في السماء...ورغم ذلك كنت أعيد الكرة يوماً بعد آخر ...

حدثني أيضاً أنه يتذكر يوم ولادتي وكيف أنه اختار إسمي مع أبي وأمي .. وقتها كنت آريد أن أقول له ليس لهذه الدرجة ينقص أن تقول لي أنك قلت لوالدتي : لتلدي بنتاً كي أتزوجها :D

حدثني عن عمله وبداياته ..

 حدثته عن مدرستي وأصدقائي .. حدثته عن مستقبلي الذي أتمناه..
حدثته عن طموحاتي وأحلامي ..

 حدثته آيضاً عن خوفي من الإرتباط وهواجسي وقت أن علمت بأنه متقدم لي ..

حدثته عن ضيقي حينما علمت أن جميع العائلة تقريباً كانوا يعلمون بمشاعره تجاهى وأنا الوحيدة التي لم تكن تعلم
وكيف أن هذا أوجعني جداً (وسألته كيف لشخصٍ جاد أن يتشارك شيئاً خاصاً جداً مع العائلة كلها رغم أنك تقول أنك كنت تخفي مشاعرك حتي عني كي لا تعلقني بك ؟!
ألم تكن تفكر أن يصلني مشاعرك هذه من أي شخص آخر بالعائلة ؟!

رد بأنه لم يقل لجميع العائلة طبعاً لكن قال لوالدته مشاعره هذه  أول ما شعر بها وبسبب فرحتها قالت خالتي (والدته) لخالتي الأخري وخالتي الأخري حدثت خالتي الأخري وهكذا خالتي وخالتك وتجمعت الخالات :)  (ربنا ما يجيب فراق :)


تحدثنا الكثير والكثير وكنا كل يوم تقريباً سوياً فهو أقل من أسبوعين وسيسافر وكان لا بد من أن أعرفه جيداً ربما ليطمئن قلبي .. 
أعجبني وقتها إلتزامه وحرصه علي أن نتحدث في وجود مِحرِم دائماً ..

كنت أجلس معه في كامل زيي الشرعي رغم الحر الشديد وقتها فقد كنا في منتصف شهر أغسطس رغم أنه وقتها كان العُرف السائد فى العائلة أن الحجاب مقتصر علي الشارع (فليس هناك مشكلة من أن أظهر بشعرى أمامه طالما أنه تم ارتباط رسمي لكن أحمد الله أنى كنت من خلال دراستى أفهم جيداً معنى الحجاب وألبسه عن اقتناع )،،

حتي يوم الفاتحة وحينما أنتهي اليوم وذهب معي خطيبي ليوصلني للمنزل علّقت عمتي كيف نمشي بدون أن نتشابك الأيدي فرد عليها خطيبي رد أبهرني به ...
فقد قال لها لم نعقد بعد ياعمتي ...
استحرم حتي أن يلمس يدي قبل أن نكتب الكتاب 
وهذه كانت نقطة فارقه لكي أتقبله داخلياً ( إلتزامه )....

أدخلني إلي عالمه الخاص (الكمبيوتر والنت ) .. لم أكن علي دراية مطلقاً بهذا الجهاز العجيب ولم أتوقع مطلقاً أن يكون هذا الكمبيوتر فيما بعد هو ضُرتي وصديقي الدائم ومؤنس وحدتي في غربتي ...

شرح لي كيف يعمل هذا الجهاز وشاركني موقعه اللذيذ ( قهوة كتكوت ) بل سجل لي فيه وعلمني كيف أدخل عليه لأقرأ ما يكتب هو وجميع الأعضاء.. أبهرني هذا العالم وصرت أذهب لخالتي دائماً حتي بعد سفر خطيبي كي أدخل علي النت وأتابع هذا الموقع وأتابع ما يكتبه الأعضاء الكرام (فلم أكن أمتلك كمبيوتر بعد ) ..
  كان الموقع يحوي نخبة من العقول الراقية الواعية التي أثقلت شخصيتي وقتها وأفادتني بالكثير والكثير... 

اقترب وقت سفره .. وأهداني موبايل  كي يكون علي تواصل بي بعد سفره ،،

وجاء يوم سفره .. دعتي خالتي للغداء معهم ولقضاء آخر يوم معه قبل سفره..

كنت أجهز معها شنطة سفره.. طلبت مني خالتي أن أكوي له ملابسه قبل وضعها في الشنطة .. 

وبدأت في كي ملابسه وفي ذهني شريط يستعرض أحداثنا معاً وأيامنا القليلة التي عايشناها سوياً ،،

أنهيت كي الملابس ووضعتها بشنطته واقترب موعد رحيله .. وقتها فقط أدركت أننى تعلقت به جداً ،،

كيف ستتركني هكذا بعد أن تعلقت بك ؟
كيف لك أن تربطني وتسافر وتتركني ؟!

كرهت السفر منذ ذلك اليوم ولعنت اليوم الذي فكرت فيه الإرتباط بشخصٍ لا يستطيع العيش معي في مكانٍ واحد ..

ولم أكن أتخيل أني يوماً سأسافر أنا الأخري معه ........

نكمل في وقتٍ لاحق :)






هناك تعليقان (2):

  1. حلوة آوى اوى حسيت ان قلبى بيدق :)
    جميلة اوى المشاعر الحلال والذكريات دى كل مابيمر الوقت كل مابتبقى ليها مذاق خاص

    ردحذف